يمسك الطفل بعلبة ألوان, يستل قلما, و يحني رأسه فوق يباص الورقة ثم يبدأ: خطوط, أقواس, دوائر و أشكال و ألوان!
نحن مع ذلك نعلم أن هذه ة العملية ليست مجرد شخبطة, أو لخبطة, و إنما هي "لغة بديلة" كما يؤكد الطب النفسي, فعندما يبدأ الطفل بالشخبطة إنما يحاول أن يخاطبنا بلغة الشكل عن طريق الخط! فيجب تحليله إذا, باعتباره مفاتيح شخصية الأطفال و أنماطهم و اتجاهاتهم!
الطب النفسي يهتم برسوم الأطفال كما يهتم بالنقد الفني برسوم التشكيليين الكبار! و تعتبر رسوم الأطفال أداة جيدة لفهم نفسية الطفل, اتجاهاته و رغباته العميقة و مشاعره الدفينة, و إدا كنا نستخدم الكلام كلغة أولى نستطيع التعبير من خلالها, فإن الطفل لايستطيع أن يطوع الكلمات وفق مقصده و ما يعتمل في نفسه من أحاسيس, و رغبات و إحباطات, و من ثم لا بد من مدخل آخر لإقامة الحوار بلغة بديلة, هذه اللغة النابعة من الأعماق هي لغة الرسم.
الدراسة النفسية الحديثة لرسوم الأطفال, تتضمن الكشف عن طبيعة هذه الرسوم, من خلال ملاحظات عرضية أو مقصودة, و ما يتعلق بالرسمة من مظاهر محددة كالحجم و التفاصيل و خطوط الرسم و تعبيرات الوجه و كون الشكل مرسوما من الجانب أو الأمام و أيضا و ضع الشكل في حيز ورقة الرسم, كذلك أسلوب الطفل مثل التأكيد, المبالغة و الحذف و الإهمال و التضليل أو المحو و الضغط على الخطوط و التلقائية.
هذه الطريقة تسمى دراسة الحالة case – study و قد اتبعتها العالمة" هلجا لنج", كما اتبعها "جورج روما" و غيرهما من الباحثين, و هي تميز بالحصول على الرسوم في ظروف تلقائية لا ضغط فيها من الخارج ,و الذي يعيبها أنها ذات طابع فردي , و أن ما قد يسجله طفل ليس بالضرورة قاعدة لكل الأطفال.
رسوم الأطفال...لسيت مجرد "شخبطة"
تبدأ "المرحلة التصويرية" للطفل من سن ثلاث إلى أربع سنوات, أما ما قبلها فإن الطفل يعبر عن نفسه من خلال العلامات. و مع ذلك فإن قدرته التعبيرية تفتقر إلى إمكانية فهم الرسالة الموجهة إلينا كمعالجين, ثم ينتقل الطفل من مرحلة ما يسمى بالشخبطة ليصل إلى التنظيم التصويري للأشكال, لذلك لغة الرسم تدرك على أنها تمثل شيئا ما بالنسبة للطفل.
تفسير الشخصية
و من خلال تحليل الرسوم للمرضى النفسيين من الأطفال يمكن استخلاص دلائل و أسس صالحة لتفسير الشخصية.
أولا: الرسوم التلقائية العاكسة لداخل الطفل تعتبر خاصية للأطفال ذوي المشاكل العاطفية الحادة.
ثانيا: يشير عدم تناسق الأحجام و الأبعاد في الصور إلى وجود شحنة عاطفية متزايدة لدى الطفل تجاه الشخص الذي يرسمه.
ثالثا: يكشف غياب اللون في بعض العناصر في اللوحة عن فراغ عاطفي و أحيانا نزعة ضد المجتمع
............................................................
هل يحب الطفل أن يترك لنفسه " أثرا تحت الشمس"؟
يؤكد " تشزاري جلفاري", و هو أحد علماء النفس الذين طبقوا لنظرية الإسقاطية لفرويد, أن الرسم ثمرة نبع طبيعي خلاق داخل الطفل يدفعه إلى أن يهرس, و يحطم, و يخط, ويقطع, ويرسم علاقة و يحول نفسه إلى المادة و يترك لنفسه أثرا.
و إذا كان الرسم يدخل في إطار الإخبارات الإسقاطية, فإن أمام المستخدم لهذا الإختبار عملا شاقا, فلا بد أن يقارن بين الأشكال, و الآ يغلق باب البحث, و أن يستخلص إشارات و معلومات حول التطورات النفسيةعلى المستوى العاطفي. فكل الرسوم تعد بمثابة و سيلة يمكن استخدامها في المجال التحليلي على أن يتم جمع هذه الأعنال وفق المعايير البسيطة مثل تاريخ تنفيذ العمل و عمر الطفل المنفذ للعمل و إضافة تغليقات الطفلعلى الرسومات و الظروف التي تدفع الطفل لاختيار الوضوع حتى يكون هناك موضوعية لذلك.
أما الإختبارات الإسقاطية فهي أداة لقياس انطباع الفرد و مشاعره تجاه ذاته و الديه و مدى تقبله أو رفضه لهما, كذلك تشتمل على خبرات الطفولة السارة منها و المؤلمة, و المواقف التي يخجل منها و الخبرات المدرسية حتى الوصول بالخبرات الخاصة بالعمل و علاقته بمرؤوسيه, ومن أهم الإختبارات الإسقاطية: بقع الحبر ل"روشاك".
قل لي ماذا ترسم أيها الصغير... أقول لك من أنت!
نماذج و أمثلة مدروسة:
حجم الرسمة:
يعطي الحجم في الأشكال المرسومة أهمية خاصة في إلقاء الضوء على شخصية الطفل من حيث واقعيته في تقدير ذاته: الرسوم الكبيرة التي تشغل الصفحة كلها تمز الأطفال العدوانيين و أيضا تميز النشاط الزائد. و قد تعبر عن شعور الطفل بالعجز عن الحركة و الإحباط و قد تبرز رغبته في التعويض و إحساسه بعدم الثق بالنفس فيرسم ما يتمنى تحقيقه.
أما الرسومات الصغيرة فقد تعبر عن الدونية و نقص في الكفاءة أو الوف و الإنطواء أو القلق كرسم شخص ضئيل للغاية مثلا...
و عادة يقال عن الرلسوم الضئيلة لشكل الإنسان أنها تدل على مشاعر النقص و عدم الكفاءة و انخفاض تقدير الذات, و القلق و الخجل و الإنقباض و الميول الإكتئابية و الإعتمادية, و الطفل الإنطوائي يرسم الشكل الإنساني صغيرا جدا, و غالبا ما يهمل الوجه و تفاصليه.
الرأس
... إذا بالغ الطفل في تكبير حجم الرأس فهذا يدل على تضخم الأنا لديه أما الأطفال المتوافقين نفسيا فإنهم يرسمون الرأس بشكل ملائم للجسم.
الفم
... الأطفال كثيرو الحديث أو العدوانيون يرسمون فما كبيرا جدا بإسنان ذات حجم كبير كما لو كانوا عاى استعداد دائم للقطع و الإلتهام و الأطفال المتوافقين نفيسا يميلون غالبا إلى رسم حجم الفم متناسبا مع الجسم.
العيون
...الأطفال المضطربون الذين يشعرون بأنهم مراقبون أو متحكم فيهم كثيرا ما يرسمون عيونا كبيرة ذات نضرة متشككة نافذة أما الذين يميلون ألى رسم العين على شكل دوائر صغيرة فهذا يدل على الإعتمادية و ضخالة الإنفعال... و كذلك يكون حذف الطفل للعيون دليلا على عدم الرغبة في الإختلاط بالآخرين.
الأنف
... بطبيعة الحال الأطفال المتوافقون نفسيا ذاتيا يرسمون الأنف مناسبا للجسم و التأكيد على فتحتي الأنف و تكبيرها يدل عاى العدوان.
العنق
...الطفل الذي يرسم عنقا مبالغا في الطول يعني أن هناك مصاعب في الوصول إلى تحقيق رغباته المطلوب إشباعها و من الأطفال الذين يعانون كذلك من يقوم بحذف العنق نهائيا.
الأيدي
... تدل الأيدي الممتة للخارج على رغبة الطفل بالإتصال بالبيئة أو الأشخاص الآخرين أو رغبة في المساعدة و التفاعل... فالأيدي الكبيرة تزجد في رسومات الأطفال الين يسرقون و الأيدي الصغيرة تدل على المشاعر المرتبطة بعدم الأمن و قلة الحيلة..كذلك الطفل العاجز و المنطوي ربما ينسى رس الأيدي باستمرار.
الأربعاء فبراير 18, 2009 4:59 pm
